الكويت : إيلاف
أدى تأرجح سعر الفائدة في السنوات الأربع الأخيرة إلى إنعاش أسواق العقارات على الصعيدين المحلي والدولي. ويعد سوق العقارات في الكويت أحد أهم دعائم الاقتصاد المحلي وذلك لارتباطها بعدد أكبر من الأفراد. وعلى الرغم من الأداء المحوري الذي مارسه هذا القطاع في السوق المحلية في الآونة الأخيرة،حسب دراسة جديدة لبيت الاستثمار العالمي "جلوبل" لا يزال من المتوقع أن يسجل أرباحاً أكثر في الوقت الذي لا تنفك فيه المعدلات القياسية للسيولة النقدية والانتعاش المضطرب للاقتصاد العالمي يضخان الأموال إلى هذا القطاع الذي يعتبره الكثيرون ملاذاً آمناً.
هذا ولا بد أن نقر بأن كافة دول المنطقة عرفت نشاطاً كبيرا وأسعاراً مرتفعة في سوق العقارات. وإذا ما تطلعنا إلى المستقبل، نلاحظ أنه ثمة مؤشر إلى أن قطاع البناء سيجني ثمانية مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات الخاصة وثلاث مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات الحكومية في السنوات الخمس القادمة. وعليه، قد يتضاعف مبلغ الـ11 مليار دولار أمريكي المتأتي عن الاستثمارات الخاصة ليبلغ 40 مليار إذا ما أخذت مشاريع "بناء- تشغيل-تحويل" بعين الاعتبار، بما في ذلك المشاريع السكنية والسياحية التنموية في جزيرتي فيلكا وبوبيان.
عدا عن ذلك، تنصب الكثير من الاستثمارات في الوقت الراهن في بناء المجمعات التجارية التي تحوي مراكز التسلية ومتاجر البيع بالمفرق. لكن الكويت تبقى بحاجة ماسة إلى المزيد من المباني السكنية نظراً لارتفاع أسعار العقارات السكنية مؤخراً.
النمو السلبي لنشاط العقارات في العام 2004
على الرغم من انتعاش القطاع، كانت قيمة المبيعات الإجمالية سلبية إذ هبطت بنسبة 2.42 بالمائة في العام 2004 وذلك بعد أن كانت قد سجلت صعوداً بمعدل 62.7 و23.7 بالمائة في العامين 2002 و2003 على التوالي. وكانت قيمة المبيعات الإجمالية قد انخفضت إلى 2.76 مليار دينار كويتي تحديداً في العام 2004 وذلك جراء تدهور معدل الوحدات السكنية المباعة بنسبة 17.2 بالمائة. ومن مجمل المبيعات، نلاحظ أن قطاع المباني السكنية عرف الانتكاسة الأكبر من حيث عدد الوحدات المباعة إذ انخفض نشاط هذا القطاع بمعدل 17.4 بالمائة ليسجل إجمالي مبيعات بلغ 11,064 وحدة سكنية في العام 2004. أما العقارات الاستثمارية فقد هبطت بنسبة 15.9 بالمائة، فيما عرفت وحدها العقارات التجارية نموا في عدد وحداتها المباعة. ولا بد من الإشارة إلى أن الانخفاض الإجمالي في قيمة المبيعات كان هامشياً إذ تم استدراك الخسارة التي تكبدها القطاع السكني من خلال النمو الذي حققته مبيعات كل من العقارات الاستثمارية والتجارية والذي قدرت نسبته بـ 0.33 و5.87 بالمائة لكل منهما على التوالي. .
استمرار تدهور حجم مبيعات العقارات للعام 2005
تابع نشاط القطاع هبوطه في العام 2005 مع انخفاض عدد الوحدات المباعة بمعدل 42.19 بالمائة في الأشهر التسع الأولى مقارنة مع المرحلة عينها من العام الفائت. لكن مجموع المبيعات في الأشهر التسع الأولى من العام 2005 شهد زيادة بلغت 3.48 مليار دينار كويتي بفضل ارتفاع الأسعار، علماً بأن المبيعات كانت قد سجلت ارتفاعا قدره 56.51 بالمائة عن مستواها في المرحلة عينها السنة الفائتة. وتعزى هذه الزيادة في المبيعات إلى النشاط المنقطع النظير الذي تسجل في شهر يناير عندما ارتفع مجموع المبيعات إلى 1.94 مليار دينار كويتي ليشكل 55.73 بالمائة من مجمل المبيعات التي تحققت في الأشهر التسع الأولى. ويعود هذا النشاط بدوره إلى ارتفاع هذه البدائل إلى 1.8 مليار دينار كويتي حتى باتت تسهم بنسبة 92.82 بالمائة من مجموع المبيعات في الوقت الذي اقتصرت فيه مساهمة العقود على 7.18 بالمائة فحسب أو ما يعادل 139 مليون دينار كويتي.
ويبرز في خضم حركة العقارات الناشطة في العام 2005 الارتفاع الجذري للأسعار في كافة شرائح سوق العقارات وضعفاً في النشاط المتعلق بحجم العقارات الاستثمارية والسكنية. أما دائرة العقارات السكنية، والتي تحتل المساحة الأكبر في سوق العقارات (56.2 بالمائة خلال الأشهر التسع الأولى من العام 2005) فقد عرفت نمواً قدره 43.83 بالمائة لتحصد 1.96 مليار دينار كويتي في غضون الأشهر التسع الأولى من العام 2005. أي أن نشاط دائرة العقارات السكنية كان أعلى من المستوى الملحوظ طوال العام 2004.
علماً أنه تخطى كذلك المبيعات السنوية للأعوام 1998-2002. وفي المقابل، انخفض عدد الوحدات السكنية المباعة بنسبة 39.16 بالمائة مقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي فبلغت 5,612 وحدة فقط في الأشهر التسع الأولى من العام 2005. أما قيمة المبيعات التي حصدتها العقارات الاستثمارية فقد ارتفعت بمعدل 74.9 بالمائة لتصل إلى 1.403 مليار دينار كويتي إذ تقلص عدد الوحدات المباعة إلى 753 وحدة أي بمعدل انخفاض بلغ 60 بالمائة. وعلى عكس الدوائر الأخرى، عرفت وحدات العقارات التجارية المباعة اتجاهاً تصاعدياً إن دل على شيء، فعلى الجاذبية النسبية التي تتسم بها العقارات التجارية فضلاً عن عدم تشبع هذه الدائرة.
كذلك ارتفع عدد الوحدات المباعة في هذه الدائرة بنسبة 45 بالمائة في الوقت الذي نمت فيه قيمة المبيعات بسرعة أكبر بمعدل 96 بالمائة لتصل إلى 122 مليون دينار كويتي. وفي العام 2005، من المتوقع أن تحصد مبيعات قطاع العقارات 4.6 مليار دينار كويتي، فيكون هذا القطاع قد سجل أعلى مستوياته منذ العام 1998. أما إذا صحت هذه التقديرات، يكون معدل النمو قد زاد عن العام 2004 بمقدار 68.42 بالمائة، لكن من جهة ثانية، من المتوقع أن يتدهور مجموع الوحدات المباعة بنسبة 35.58 بالمائة ليصل إلى 8,603 وحدة.
تحول النشاط من الدائرة السكنية إلى الدائرة الاستثمارية
على مدى التاريخ، كان القطاع السكني يمثل معظم أنشطة سوق العقارات الكويتية حيث يغطي معدل 73.7 بالمائة من مجموع قيمة المبيعات خلال الأعوام الممتدة من 1998 إلى 2004. لكن نشاط دائرتي العقارات الاستثمارية وتلك التجارية لم ينفك يسجل تصاعداً على حساب القطاع السكني الذي تدهورت حصته من مجمل أنشطة السوق على مدى السنوات القليلة الماضية من 85.5 بالمائة في العام 2002. هذا وتسبب تدفق المغتربين إلى البلاد في تسريع عجلة النشاط في قطاع الاستثماري مما أدى إلى تعزيز الأهمية النسبية لهذا القطاع في الأسواق الكويتية. وخلال الأشهر التسع الأولى من العام 2005، ثبتت قيمة المبيعات السكنية عند معدل 56.17 بالمائة من المجموع الكلي. في حين تمكنت النشاطات الحثيثة التي شهدتها مناطق كحولي، مبارك الكبير والأحمدي من تفعيل نشاط العقارات الاستثمارية لتسهم هذه المناطق بنسبة 40.33 بالمائة من مجمل قيمة المبيعات.
تدهور المبيعات العقارية مؤخراً إثر بداية مزدهرة مطلع العام 2005
بالنظر إلى الاتجاهات الشهرية التي سجلت في العام 2005، لا يسعنا إلا القول بأن النشاط العقاري كان شديد التأرجح. حيث ارتفعت المبيعات بشكل ثابت في الشهور الخمس الأولى باستثناء شهر فبراير الذي شهد تدهوراً بمعدل 92.09 بالمائة بالمقارنة مع يناير بسبب عدد من العطل. فعقب شهر فبراير، عادت السوق إلى سابق عهدها من النمو الثابت حتى مايو لتعود وتشهد حالة من الركود مطلع يونيو الذي لم يحقق شيئاً من النمو العقاري. وهكذا، استمر مؤشر الهبوط حتى شهر سبتمبر حيث شهد الربع الثالث من السنة إنخفاضاً بمعدل 10.53 بالمائة في مجموع المبيعات بالمقارنة مع الفترة عينها من السنة الفائتة.
سيطرة فروانية وحوالي على النشاط
لوحظ في كافة المحافظات الاتجاه عينه في النشاط العقاري الذي عرف تحسناً في القيمة وهبوطاً في الحجم. فوفقا للمحافظات، شكلت محافظتي الفروانية وحوالي مجتمعتين أكثر من 50 بالمائة من مجموع الوحدات المباعة في الكويت إذ بلغ معدلها 27.7 في المائة و26.6 في المائة تباعاً من إجمالي السوق. ويلي هاتين المحافظتين محافظتي الأحمدي ومبارك الكبير اللتان أسهمتا بنسبة 18.5 و12.8 في المائة تباعاً من مجموع المبيعات. أما فيما يتعلق بالوحدات السكنية المباعة، فقد حصدت محافظة الفروانية 29.1 في المائة من مبيعات السوق أي ما يعادل 1,631 وحدة. ومن جهة ثانية، شهد نشاط مبارك الكبير ضعفاً إذ انخفضت عدد الوحدات السكنية المباعة بمعدل 54.74 بالمائة في تلك المرحلة.
استحوذت محافظة حوالي على ما يقارب نصف النشاط الإجمالي من حيث العقارات الاستثمارية حيث اجتذب ميدان حوالي والسالمية الواقعان ضمن هذه المحافظة كماً هائلاً من النشاط إذ هدمت الأبنية القديمة واستعيض عنها بأخرى كبيرة. هذا وتأتي الفروانية في المرتبة الثانية من حيث الوحدات المباعة ومن ثم الأحمدي التي اتسمت بالمشاريع الكبرى في المناطق الساحلية كالفحاحيل، منجف والمهبولة. كما لا بد من ذكر مراكز التسلية والأعمال التجارية التي انتشرت في المحافظة، إلى جانب المدارس والعيادات وغيرها من التسهيلات التي تلبي حاجة المغتربين الذين لا ينفكون يتوافدون للإقامة في تلك المنطقة.
دائرة العقارات الاستثمارية تزيد من رخص البناء
من السهل ملاحظة الزيادة في الطلب على العقارات واتساع النشاط العقاري من خلال انتعاش قطاع البناء في العام 2005 في أعقاب التدهور الذي عرفه هذا القطاع في العام 2004. وقد عمدنا هنا إلى الارتكاز على عدد رخص البناء الصادرة بغية مقاربة النشاط العقاري ضمن الاقتصاد الكويتي. فلاحظنا أنه ثمة زيادة بمعدل 43.2 بالمائة في رخص البناء الصادرة في المنتصف الأول من العام 2005 مقارنة مع المرحلة عينها من العام الفائت. هذا وقد منحت رخص جديدة للبناء في كافة الدوائر باستثناء تلك "التجارية" إذ انخفض معدل الترخيص لها بمقدار 3.57 بالمائة. أما المباني الاستثمارية فقد سجلت نموا بأعلى الدرجات بنسبة 50.6 بالمائة وتليها المباني السكنية التي وصل معدل نموها إلى 42.79 بالمائة.
وارتفع نشاط الدائرة الصناعية بنسبة 22.86 بالمائة مع إصدار 43 ترخيصاً جديداً في النصف الأول من العام 2005 بالمقارنة مع 35 ترخيصاً أصدر في النصف الأول من العام 2004. أما رخص الترميم فقد زادت بمعدل 38.3 بالمائة أي ما يساوي 112 ترخيصاً في النصف الأول من العام 2005 بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2004.
وعلى الرغم من تحسن النشاط في العام 2005 عن سابقه، إلا أن عدد الرخص الصادرة تقلص بالمقارنة مع المرحلة عينها العام 2003 حيث سجلت الرخص التجارية هبوطاً بمعدل 69.7 بالمائة، تليها الرخص الصناعية بنسبة 56.6 بالمائة. ويبدو واضحاً في الجدول 3 أن الزيادة في رخص البناء تتأتى من دائرة العقارات الاستثمارية مع مرور السنوات في الوقت الذي سجلت فيه الدائرة السكنية تدهوراً من معدلاتها المرتفعة للعامين 2002 و2003.