الوضعية الراهنة للسكن الاقتصادي بالمغرب
لم
تعد عبارة سكن اقتصادي أو اجتماعي تعني شيئا في السوق العقاري المغربي منذ
أكثر من ستة أشهر، حيث اختفى هذا النوع الذي تراهن عليه الدولة، من السوق.
فالمنتوج الذي كان متوفرا في حدود مائتي ألف درهم أصبح اليوم يفوق هذا
الثمن بالنصف تقريبا باعتراف الوزارة الوصية على القطاع نفسها. فالشركات
المنتجة لهذا النوع من السكن لم تعد تخفي رغبتها في رفع ثمن السكن
الاقتصادي إلى ثلاثمائة ألف درهم متذرعة بارتفاع المواد الأولية وبالتالي
ارتفاع كلفة هذا السكن. والأمر ذاته تعرفه مختلف منتوجات السوق العقاري في
المغرب خاصة في المدن المغربية الكبرى أو السياحية التي تلقى إقبالا من
المغاربة ومن الأجانب المستعدين للدفع بسخاء من أجل امتلاك سكن بمراكش،
فاس، الصويرة، ورزازات، سلا وحتى طنجة والدار البيضاء وغيرها
فبشكل مفاجئ أصابت حمى ارتفاع الأسعار قطاع العقار، حيث ارتفع سعر المتر
المربع الواحد للشقة إلى مابين ثلاثة آلاف وثمانية آلاف درهم في المتوسط في
مختلف المدن المغربية التي تعرف إقبالا في هذا المجال. زمن السكن
الاقتصادي تم تعليقه إلى أجل غير مسمى بعد أن ارتفعت الأسعار لتصل بالنسبة
للشقة التي يصل ثمنها إلى مائتي ألف درهم إلى ثلاثمائة ألف درهم. ورغم
«فشل» المنعشين العقاريين في فرض هذا الثمن من خلال قانون، فإنهم لم يفشلوا
في تسويقه إلى المواطنين حيث يتم اللجوء إلى «النوار» أو الجزء غير الصرح
به كطريقة سهلة لايظهر من خلالها الفرق الشاسع بين الثمن المدون على الورق
والثمن الذي دفعه الراغب في الاستفادة من الشقة في العقدة الشراء.
والأكثر من هذا أن كل الشركات الكبرى المختصة في السكن الاقتصادي أوقفت
إنتاجها عمليا. ففي مدينة الدار البيضاء يكون الجواب الذي يتلقاه الراغب في
السكن الاقتصادي هو «ادفع وانتظر حتى نتصل بك في نهاية سنة 2010 أو بعد
ذلك» ويؤكد العديد من الراغبين في الاستفادة من هذا النوع من العقار أنهم
يجدون أنفسهم ملزمين بدفع تسبيقات مقابل وصولات لا تضمن أي التزام من طرف
المنعش العقاري سواء من حيث الثمن أو المساحة أو تاريخ التسليم مما يجعل
طالب الاستفادة ينتظر دون معرفة مصير ملفه أو الثمن الحقيقي للشقة التي
يرغب في الحصول عليها.
مصادر من شركة كبرى بالدار البيضاء، مختصة في هذا النوع من السكن، ردت هذا
الوضع إلى الإقبال الكبير على شراء العقار من أراضي ومساكن خلال الصيف
الماضي وارتفاع تكلفة الأراضي والمواد الأولية في السوقين الدولي والوطني،
نتيجة عدة عوامل منها ارتفاع أثمنة النفط والمشاريع الكبرى المفتوحة في
المغرب. وفي هذا السياق كان وزير الإسكان والتعمير توفيق احجيرة قد وعد
بالتدخل من أجل تحقيق توازن بين العرض والطلب والتحكم بصفة جزئية في أسعار
العقار، لكن هذه الوعود لم تخرج إلى أرض الواقع إلى الآن. وحتى المرصد
الوطني للسكن الذي تتجلى مهمته في متابعة الأسعار، فإنه في الواقع لا يتوفر
على صلاحيات للتدخل من أجل توجيه هذه الأسعار، أو الحد من ارتفاعها، وهذا
ما يجد تبريره لدى الدولة في تحرير السوق الذي يجعلها (الدولة) لا تستطيع
التدخل في الأسعار.
ولقد كان للإقبال على العقار بالمغرب من طرف الأجانب أثر كبير على الأسعار،
وكانت البداية بالمدن التقليدية مثل مراكش والصويرة وفاس وورزازات لكن
الشركات العقارية الدولية كانت حاضرة كذلك في المدن الكبرى مثل الدار
البيضاء والرباط ومراكش. وقد شجعت عدة عوامل على إقبال الأجانب على العقار
بالمغرب منها القرب الجغرافي من أوربا واعتدال مناخه طيلة السنة والمزايا
القانونية التي يوفرها المغرب في مجال الضريبة وحرية انتقال الأموال
والأرباح الناتجة عن هذا الاستثمار. ولايخفي المستثمرون الأوربيون خاصة
الإسبان منهم اهتمامهم بما يوفره السوق المغربي في ميدان العقار من إمكانات
ضخمة.
منقووووووووول